مراجعة كتاب "تاريخ موجز للزمان" للكاتب ستيفن هوكينج

أصل وبداية المكان والزمان

مراجعة كتاب تاريخ موجز للزمان
مراجعة كتاب تاريخ موجز للزمان

تاريخ موجز للزمان، حقا اسم على مسمى فالكتاب يبدأ بتناول الفيزياء والفيزياء الفلكية منذ زمن أرسطو مرورا بالفيزياء الميكانيكية لنيوتن، ثم النسبية لأينشتاين، لتليها الفيزياء الكمية التي سمحت بفهم أعمق للكون وخاصة الثقوب السوداء التي أسهم ستيفن هوكينجز في العديد من الاكتشافات عنها، لينتهي الكتاب بآخر ما نعرفه من نظريات فيزيائية وهي نظرية الأوتار.

خلال هذه الرحلة الجامعة نكتشف بأسلوب بسيط أعقد المفاهيم الفيزيائية تتبسط لتنير لنا الأفكار وننظر لكوننا نظرة عالم يقدر كل نجم وكل جرم يراه ليلا في سمائه.

مراجعتنا لهذا الكتاب ستكون مقسمة إلى 3 مقالات نظرا للكم الهائل من المعلومات التي يحتويها الكتاب، في مقالتنا هذه سنستكشف معا مفهومي المكان –أو الكون- والزمان، متعرفين على كل التحولات التي صارت على هذين المفهومين عبر العصور، لنبلغ آخر ما يعتقده العلماء حاليا. فشاركنا هذه الرحلة واستمتع بعجائب الكون من حولنا...

الفهرس :

- نظرتنا عن الكون وموقعنا فيه

- الزمان المطلق ؟

- هل الكون يتمدد أم هو ساكن ؟

- تقييم قارئ الكتب

نظرتنا عن الكون وموقعنا فيه :

السؤال عن بداية الكون وجد مع الفلاسفة الإغريق الذين زعموا أن الكون والبشر وجدوا وسيبقيان كذلك للأبد، فبذلك تكون للكون بداية دون نهاية. أما الكنيسة زعمت أن الكون بدأ 5000 سنة قبل ميلاد المسيح -عليه السلام-، واستنتجوا ذلك من سفر التكوين (والعجيب أن المدنية حسب علماء الآثار تعود لأكثر من 10000 سنة قبل ميلاد المسيح فما بالك ببداية الكون!)

لينتقل السؤال إلى فلاسفة التنوير، فيجيب كانط سنة 1781 في كتابه "نقض العقل المحض" مشيرا أن بداية الكون ك "مكان" لا معنى لها دون بداية الزمان. لتأتي فكرة أن المكان والزمان دائما مجتمعان ولهما بداية واحدة، ولا معنى لبداية أحدهما قبل الآخر.

لتصل البشرية إلى أولى الملاحظات العلمية مع إدوين هابل سنة 1929، الذي لاحظ أن المجرات كلها أينما وجهت بصرك في الفضاء فهي تبتعد عنا، ما يعني أنها كانت -في يوم ما- قريبة جدا من بعضها البعض لدرجة كثيفة جدا. وهنا ولدت فكرة الانفجار العظيم كأصل لبداية الكون.

أما منظورنا للأرض خاصة ونظامنا الشمسي، فهي كذلك مرت بمراحل عدة أولها مع أرسطو عام 340 ق. م. حيث أخبر في كتابه "عن السماوات" أن الأرض كروية الشكل وهي مركز المجرة وبقية النجوم والأجرام تدور حول الأرض بحركة دائرية كاملة. وتعود أفكاره إلى "أسباب صوفية" أكثر مما هي علمية.

طور بطليموس أفكار أرسطو ليطرح نموذج كامل عن الأرض والأجرام من حولها في القرن الثاني للميلاد (الشكل 101)، الشيء الذي أعجبت به الكنيسة، كونه يسمح بوجود متسع كاف بعد النجوم الثابثة للجنة والجحيم، وإتخدته كصورة للكون تتفق مع الكتاب المقدس.

الزمان المطلق ؟

بعد مسألة المكان التي تتلخص في الكون وموقعنا فيه، يتجه السؤال إلى الزمان، فرغم الاختلاف الواضح في التعامل مع الأسئلة العلمية بين أرسطو الذي يرى أن "المرء يستطيع أن يستنبط جميع قوانين الكون بالفكر فقط"، ونيوتن الذي آمن بالتجربة واعتبرها ضرورية لاستنتاج القوانين العلمية، فكلاهما آمن بالزمن المطلق. أي أن المدة الزمنية بين حدثين تبقى نفسها أينما كان الراصد.

لكن لنفترض أن شخصا أشار بليزر من النقطة أ إلى النقطة ب، وهناك ملاحظان إثنين، الأول على مسافة قريبة من الحدث ككل، أما الآخر فيبعد مسافة كبيرة عن الحدث. أيهما سيرى انتقال أشعة الليزر من النقطة أ إلى النقطة ب أولا؟ الجواب هو الشخص الأول الذي كانت له مسافة قريبة من الحدث، فبذلك نفني نظرية الزمن المطلق. لكن أليست سرعة الضوء ثابتة؟ فلم هذا الاختلاف في الرصد؟ كانت تلك بوادر وضع النظرية النسبية من طرف أينشتاين.

ففي سنة 1865 أثبت الفيزيائي البريطاني "جيمس ماكسويل" أن الضوء ينتشر وفق موجات ذات سرعة ثابتة، لكن ثابتة بالنسبة لماذا؟ فالكون كله في حركة دائمة. هنا وضع "جيمس ماكسويل" فكرة 'الأثير' واعتبرها مادة تدخل في تكوين الكون (حتى الكون الخاوي) تسمح للضوء بالمرور من خلالها بسرعة ثابتة.

الشيء الذي نفاه كل من أينشتاين والعالم الفرنسي "هنري بوانكاريه" سنة 1905. لتبدأ نظرية النسبية العامة في الظهور والتي أفادت أن أي جسم دون كتلة قادر على السير بسرعة ثابتة (محدودة في 186000 ميل في الثانية، وهي سرعة الضوء).

بذلك تكون السرعة ثابتة، لكن المسافة التي ينبغي أن يعبرها الضوء لبلوغ الملاحظ تختلف باختلاف مكان وجوده وبالتالي، تسجيل أوقات مختلفة لنفس الحدث باختلاف أماكن وجود الملاحظين ما أدى إلى إنهاء نظرية الزمان المطلق لأرسطو ونيوتن

عدى عن ذلك فالنسبية العامة أعطت مجموعة أخرى من النتائج أبرزها:

· الزمان غير منفصل عن المكان بل يشكلان نسيجا يسمى "الزمان- المكان" ويؤثر بما حوله من مادة وظواهر

· لكل حدث أربعة أبعاد: 3 للمكان وواحدة للزمان ·

· الجاذبية ليست قوة بل نتيجة تفاعل كتل الكواكب مع نسيج الزمان- المكان

· الأرض وبقية الكواكب تتبع مسارا مستقيما في الفضاء، لكنه داخل فهمنا الثلاثي الأبعاد يظهر كأنه إهليجي

· الزمان يظهر كأنه يمر ببطيء بقرب جسم ذي كتلة ضخمة

أما الأحداث في نظرية النسبية فيمكن التعبير عنها كما تشير الصورة التالية:

· المستقبل المطلق: ما ينتج عن انتشار الضوء القادم من الحدث أي المستقبل المتوقع من الحدث

· الماضي المطلق: مجموع الأحداث التي تسببت بوقوع الحدث

· المكان الآخر: مجموع الأحداث البعيدة عن انتشار الضوء الناتج عن الحدث فلا تتأثر ولا تأثر في الماضي/ الحاضر/ المستقبل

لننظر لهذا الحدث باعتباره "الانفجار العظيم". ففقط بمعرفتنا لكافة الأحداث التي أدت "للانفجار العظيم" سنتمكن بمعرفة مستقبل الكون بدقة حسب نظرية النسبية العامة ...

هل الكون يتمدد أم هو ساكن ؟

اتفق كل من أينشتاين وإسحاق نيوتن على سكون الكون، رغم كون الحلول الرياضية لمعادلة النسبية تنفي ذلك إلا أن أينشتاين في محاولة منه لنفي ذلك أدخل ثابتا كونيا في معادلاته لمحو دور الجاذبية والحصول على كون إستاتيكي غير متحرك.

الفلكي الأمريكي إدوين هابل لم يعط فقط الصور الأولى لمجرتنا، بل باستعمال ظاهرة البديل أو الدوبلير (أي شيء يقترب من الملاحظ يبدو ذو طيف أزرق، وكل ما يبتعد عن الملاحظ يظهر بلون أحمر) أثبت أن جميع النجوم في الكون ترسل أطيافا ذات لون أحمر، ما يعني أن النجوم ومنها المجرات فهي تبتعد عن بعضها البعض. وبالتالي، فالكون في حركة تمدد ولا يمكن أن يكون ساكنا أبدا.

تمدد الكون يعطي 3 حالات ممكنة لنهايته:

*تمدد الكون سيتباطأ، تم تشتد الجاذبية على قوى التمدد فيعود الكون إلى حالة الانكماش

* تمدد الكون سيستمر والجاذبية لن تكون كافية لإيقافه لكن ستسنطيع إبطاءه

*سيستمر الكون في التمدد دون توقف

ما نعرفه حاليا هو أن الكون يتمدد بنحو 5 إلى 10 في المئة في كل ألف مليون سنة، ومقدار المادة الموجود حاليا في الكون غير كاف لإيقاف التمدد. ومنه فالكون من الأرجح أن يتمدد -دون توقف-.

رغم تمدد الكون فعلى المستوى الكبير يظل الكون متشابها حسب العالم فريدمان. كما أثبت ذلك سنة 1969 كل من العالمين "بينزياس وويلسون" حيث وجدا أن الضوضاء أو "Microwaves " لا تتغير أينما كان الرائي وهو ما أتبثه القمر الإصطناعي "كوب. قمر إستكشاف الخلفية الكونية" سنة 1999.

تقييم قارئ الكتب :

5 نجوم
5 نجوم

شكرا لأخذك من وقتك الثمين و قراءة مراجعتنا للكتاب. نتمنى أن نكون عند حسن الظن. هل قرأت الكتاب من قبل ؟ ما تقييمك؟ لا نخفيكم أننا لسنا ذوي إختصاص فقد ننسى الإشارة لبعض الأفكار ربما لعدم فهمنا لها. إن كنت من الأخصائيين شاركنا رأيك و دعنا نتحاور في التعليقات.

ملاحظة :

- إن لم تقرأ الكتاب من قبل نشجعك على فعل ذلك. فقد يكون التلخيص مفيدا لكن غنى الكتاب بالمواقف الشخصية و التجارب الواقعية سيفيدك أكثر في سعيك لبلوغ الكفاءة الإنتاجية التي تطمح لها.

تصور بطلايموس للعالم
تصور بطلايموس للعالم

ظهرت فكرة أن الشمس ثابتة وبقية الأجرام تدور من حولها -لأول مرة- على يد القس البولندي "نيكولاس كوبرنيكس" سنة 1514 وقد مر ما يقرب من قرن قبل أن تؤخذ فكرته على محمل الجد...

أما ما اتفقت عليه الملحوظات والقوانين العلمية والمعروف حاليا فقد بدأ مع ملحوظات جاليليو سنة 1609 الذي رأى أجراما تدور من حولها أقمار أصغر ما ينفي مركزية الأرض وفي نفس السنة أظهر "جوهانز كبلر" أن الكواكب لا تدور بشكل كروي كامل بل بشكل إهليجي حول الشمس، الشيء الذي أكدته قوانين نيوتن فيما بعد حسب ما نشر في كتابه "المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية"

أولى الصور لمجرتنا تعود كما أشرنا لعالم الفلك الأمريكي إدوين هابل. فمجرة درب التبانة يقرب اتساعها من 100 ألف سنة ضوئية والنجوم في أذرعها تدور بمعدل يقارب دورة كل عدة مئات من السنين ونحن على مقربة من الحرف الداخلي لإحدى الأدرع اللولبية للمجرة والكل يدور حول مركزها...

الحدث في النسبية العامة
الحدث في النسبية العامة