مراجعة رواية "مكتبة منتصف الليل" للكاتب مات هيغ
حيوات متعددة ... فرص متعددة


إن من أمتع ما قد تقدمه الروايات يكمن في عيش المرء للعديد من القصص والأحداث عبر أزمنة وأماكن مختلفة إنها اكتساب المرء لحيوات منفردة وتجارب مذهلة إنها رحلة يخوضها المرء بكل أبعادها وجمالياتها في منأى عن الكل صورة يختار تفاصيلها بكل عناية مع كل كلمة تقرأ.
إنها تذكرة سفر مجانية إلى عالم ساحر ورؤية العالم بعيني البطل... إنها كالشعور بارتفاع نبضات قلبه وحرقة تدفق الأدرنالين داخل جسده... الشعور بغليان الدم في عروقه... إنها اللكمة المكتومة والعمى الغضبى... إنها برودة الأطراف ودمع المقل إنها تجربة الانكسار... والانتصار... الظلام والنور معا.
وهي أيضا أغنية الحب الأولى وخطوات الرقص المتعثرة، إنها الإيماءة الأولى وشعور اللهفة ولهيب الاشتياق... وجنون العشق، إنها الهبة التي ينالها القراء وليس الجميع بمدركيها.
إن رواية "مكتبة منتصف الليل" لا تهبنا قصة واحدة إنها تمنحنا فرصة الخوض في العديد من القصص ضمن عوالم مختلفة والعيش مع البطلة كل قصة بنفس الشغف... بنفس الإصرار وحتى بنفس التحديات.
إنها دعوة من الكاتب سيدي/ سيدتي لزيارة عوالم مختلفة، ودعوة مني إن تفضلت بخوض التجربة معا.فماذا لو كنت أنت "البطلة" أي من الحيوات كانت لتستهويك؟
تقييم قارئ الكتب :


شكرا لبلوغك نهاية مراجعتنا نتمنى أن تكون مفيدة لك. دعني أسألك الآن. هل قرأت الرواية من قبل ؟ ما تقييمك لها؟ ما رأيك في ما أشرنا إليه؟
ملاحظة :
- إن لم تقرأ الرواية من قبل نشجعك على فعل ذلك. فقد يكون التلخيص مفيدا لكن الرواية ممتعة و الإبحار في الأحداث و تفاصيل الصفحات لا يمكن الإستغناء عنه.
لقد تمكنت "نورا" من عيش كل احتمال لم تستطع أن تختاره وأدركت في منتصف الطريق أنها كانت تحاول جاهدة أن تحقق آمال الناس فيها وتحقيق رغباتهم وما يرونه من إمكاناتها ككونها سباحة من أجل والدها ونجمة من أجل أخيها... وإن تسافر إلى "أستراليا" من أجل صديقتها، لقد تعلمت نورا خلال الرحلة أن تكتشف ذاتها وتدرك ما تريده حقا.
أدركت أنها ليست ثقبا أسود يتجنبه الجميع، ولكنها بركان يرمز ثارة للموت وأخرى لتجدد الحياة، فما أن تبرد الحمم المنصهرة حتى تغدو التربة غنية بالمعادن ومعلنة بداية جديدة...
وعند تمام منتصف الليل وثانية... أعلنت السيدة "ألما" أن نهاية نورا قد اقتربت وعليها الرحيل
وطالبتها بألا تستسلم هاته المرة... من أجل نفسها، لقد أدركت نورا أخيرا كم أنها تحب حياتها وكتبت في آخر كتاب في المكتبة بداية قصة جديدة كان أول سطر فيها" إني حية". لتعيش احتمالا منفردا تصنعه بكامل إرادتها وقناعتها...
فماذا لو اتفق الجميع على خذلانك في ذات الوقت، والأدهى أن لا جهد لك بعد ذلك لارتسام ابتسامتك الزائفة الخالية تماما من أي مشاعر أمام الملأ وشعورك باللاشيء كأنك إطار أجوف خال من الحياة كل شيء فاقد أمام ناظريك لأي معنى
هذا تمام ما حدت ل "نورا سييد" فتاة في التلاتينات من عمرها وتعاني من الاكتئاب لسنوات عدة وفي ال28 من أبريل قررت وضع حد لحياتها بعد أن أيقنت أن بقاءها ورحيلها سيان بل إن رحيلها لربما أفضل.
لتجد نفسها في عالم مواز بين الحياة والموت متمثلا في مكتبة غير متناهية الاحتمالات وهي مطالبة بتجربة كل حياة من الحيوات التي كانت تتمنى لو عاشتها لو أنها امتلكت بعض الشجاعة والإصرار لخوض غمارها، لو أنها فقط لم تستسلم... لو أنها لم تخيب ظن الجميع بها والأعتى لو أنها لم تخيب ظنها بنفسها.
تسافر نورا مع كل كتاب تحمله إلى عالم جديد بمميزات وسلبيات مختلفة، تتجول في كافة الاحتمالات لعلها في عالم ما تغدوا أسعد وتبقى هناك للأبد...
الرأي الشخصي :
الكاتب مات هيغ ليس بمختص نفسي إنه رجل عاد من مرارة إضرابات نفسية شديدة إنه عالم تماما بكل ما جرى وما سيجري خلال التجربة برمتها، وإنه لمن المبهر رؤية العالم من خلال شخص خاض الأمر بكل شجاعة وذاك ما التمسناه رفقة "نورا" بطلة الرواية خطوة بخطوة
إنها أن جاز التعبير عزاء بسيط لكل شخص يحاول الفرار من أنياب اضطرابه النفسي قصة تحاول جعل المرء يدرك قيمة كل لحظة وكل نعمة... ويحاول جاهدا المضي قدما بتفاؤل وصبر...


جميع الحقوق محفوظة © 2025
القائمة :
عن قارئ الكتب